المدينة المنوّرة.. بين الروحانية والنهضة

 

تقرير _ ليلى العوفي :

للمدينة المنوّرة روحانية تملأ القلب وسكينة تغمر الروح، فهي مدينة عريقة مرتبطة بالتاريخ الإسلامي، ومهوى الأفئدة ودار الهجرة، مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وموضع قبره الشريف. وهي المدينة التي استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلوب مؤمنة وبيوت مفتوحة، فآمن أهلها به وناصروا دعوته، ومنذ ذلك اليوم وهي منارة للروح والدين والتاريخ.

تجد في كل زاوية قصة وذاكرة ممتلئة بالتاريخ، ولها قدسية خاصة؛ مساجدها، وبساتينها، ونخيلها، ومكتباتها، وحاراتها، وبيوتها، وفي كل مكان فيها ما ينطق بأصالة الطابع العمراني المميّز.

فالمدينة المنوّرة تحمل إرثًا فريدًا ومتنوعًا، وتُعدّ مركزًا إسلاميًا وحضاريًا وثقافيًا واقتصاديًا.

وقد عبّر الأدباء والمفكرون عن مكانة المدينة وموقعها في القلوب؛ فقال عنها الشيخ علي الطنطاوي: “إنها مدينة الروح”، ورآها الكاتب أمين الريحاني مدينة الإنسانية كلها، فيما كتب الروائي غازي القصيبي أن للمدينة وجهين: وجهًا يشعّ روحانية، وآخر ينمو بسرعة مع تطلعات الوطن، في إشارة واضحة إلى التوازن بين التراث والنهضة.

وهكذا تتفرد المدينة بأن تكون وجهة عالمية فريدة بروحانيتها وأصالتها وتاريخها، وفي الوقت نفسه تفتح أبوابها للاستثمار والفعاليات الثقافية والسياحية لتواكب التطور، وتجسّد التلاقي بين الأمس واليوم، بين الحداثة والقداسة، والمستقبل والحاضر.

وهي بذلك تجمع بين روح الأصالة والعمران، وتطمح أن تكون نموذجًا عالميًا يحمل التنمية المستدامة.

ومن هذا الإرث العظيم، أعلنت وزارة السياحة مؤخرًا إطلاق الهوية السياحية الخاصة بالمدينة المنوّرة؛ لتعبر عن مكانتها، مبيّنة جمالها للعالم أجمع.

وقد استمدّت الهوية الجديدة للمدينة من مكوناتها الأصيلة، من القيم التاريخية والثقافية والعمرانية والإنسانية للمدينة، فدمجت بين أصالة المكان وقدسيته وبين الحضارة، لتقدّم صورة متكاملة تعكس الوجهة الروحية والتاريخية والثقافية للمدينة.

فالهوية الجديدة ليست مجرد شعار بصري أو تصميم جمالي، بل هي رؤية شاملة تعكس تاريخ المدينة وحاضرها، وتفتح آفاقًا واسعة لمستقبلها، لتلتقي الروحانية الفريدة مع التنمية السياحية المستدامة.

وها هي اليوم تقدّم نفسها للعالم بهوية متجددة، تحافظ على أصالتها وتواكب حاضرها، لتكون وجهة سياحية عالمية تجمع بين القداسة والتاريخ والحياة العصرية، في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030.

وستظل هذه الهوية جسرًا تاريخيًا وثقافيًا واقتصاديًا يصل بين الماضي العريق والحاضر المزدهر، لتبقى المدينة المنوّرة شاهدة على تاريخها الخالد، وحاضنة لطموحات وتطلعات أجيالها القادمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top